top of page

قانون الجذب والحزن

هل كنت يوماً ما حزين جداً والتقيت شخصاً ما قال لك (كن ايجابي واخرج من السلبية) واخبرك عن قانون الجذب ، بالرغم من أن سبب حزنك أمور خارجة عن سيطرتك قد كتبها الله في قدرك ؟؟

هل تعجبت من نصيحته وحاولت العمل بها ولكنك لم تستطع ان تتجاهل آلامك التي تشعر بها في قلبك وتمزقه؟؟

هل تساءل مقدم النصيحة عن سبب حزنك قبل ان يرشدك للعمل الصحيح؟؟

هل انت مهتم عزيزي القارئ بقانون الجذب ودائماً تنصح التعساء بتغيير تفكيرهم؟

إذاً تفضل بقراءة الموضوع وانتظر تعليقاتكم وأسألتكم وسأجيب عنها بإذن الله

قانون الجذب هو باختصار ينص على على أن مجريات حياتنا اليومية أو ما توصلنا إليه إلى الآن هو ناتج لأفكارنا في الماضي وأن أفكارنا الحالية هي التي تصنع مستقبلنا، بالأحرى يقول القانون أن قوة أفكار المرء لها خاصية جذب كبيرة جدا فكلما فكرت في أشياء أو مواقف سلبية اجتذبتها إليك وكلما فكرت أو حلمت أو تمنيت وتخيلت كل شيء جميل وجيد ورائع تريد أن تصبح عليه أو تقتنيه في حياتك فإن قوة هذا الأفكار الصادرة من العقل البشري تجتذب إليها كل ما يتمناه المرء.

أنا هنا لست للحديث عن قانون الجذب وطريقة الجذب ولكنني تحديداً اود توضيح بعض الأمور التي أراها أخذت طريق آخر وهو في وجهة نظري خاطئ.

في البداية دعونا نتفق على المصطلحات ومن ثم سأقوم بطرح وشرح وجهة نظري:

تعريف التفكير الايجابي: أورد خبراء فن تنميه الذات العديد من تعريفات التفكير الايجابي ، فعرفه بعضهم بأنه مجموعه من المهارات المكتسبة ، التي تمكن الإنسان من التغلب على مشاكله، وعرفه آخرون بأنه التفاؤل ، وقال آخرون أن التفكير الايجابي هو بداية الطريق للنجاح،فحين يفكر الإنسان بإيجابية، فإنه يبرمج عقله ليفكر إيجابياً، والتفكير الايجابي يؤدي إلى الأعمال الايجابية

المعجم: الايجابية: مصدر صناعيّ من إيجاب : كل ما يصدر من أمور ناجحة ومقبولة (عكسه سلبيّ )

التفكير السلبي هو تفكير يبحث ويفكر في السلبيات التي حدثت في الماضي ويقلق ويخاف من المستقبل ويعيش الحاصر بأحاسيس سلبية واعتقادات سلبية تجعل حياته سلسلة من التحديات والمشاكل.

المعجم: مصدر صناعيّ من سَلْب : اتّجاه يقوم على الإضراب أو عدم التَّعاون ونحو ذلك.

ومن وجهة نظري يمككني أيضاً تعريفه بسوء الظن كما جاء في الحديث القدسي أنا " أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ "وهنا نوضح ان الأمر لم يقع بعد وتجد الشخص يتبنى الكثير من الأفكار المتشائمة السلبية فيغرق في الهموم الوهمية التي لا تتعدا افكاره فقط.

وفي ( الفلسفة والتصوُّف ) حال نفسيّة تؤدّي إلى البطء والتَّردُّد في الحركة وقد تنتهي إلى توقُّفها .

الحزن: هو ألم نفسي يوصف بالشعور بالبؤس والعجز, غالباً يعتبر الحزن هو عكس السعادة. وهو شبيه بالهم، الأسى، الكآبة، اليأس. من المؤكد بأن هذه المشاعر بالعادة هي مشاعر سلبية عندما يشعر بها الإنسان فيصبح الشخص هادئاً، قليل النشاط, منفعلاً عاطفياً وانطوائياً. يصاحب الحزن أحياناً البكاء ولكن ليس بالضرورة. الحزن بالعادة يكون لفترة مؤقتة ليست بالطويلة, أما الاكتئاب فقد يكون مزمناً يمتد لفترات طويلة. ويعرف الحزن في بعض الأحيان بأنه الشعور بعدم الرضى عمّا يحدث إما لمشاكل أو ظروف خارجة عن إرادة الإنسان تجعله تحت ضغط نفسي, فلا يشعر معه بالراحة ولا بالطمأنينة.

السعادة: هي "شعور بالبهجة والاستمتاع منصهرين سوياً" ، والشعور بالشيء أو الإحساس به هو شيء يتعدى بل ويسمو على مجرد الخوض في تجربة تعكس ذلك الشعورعلى الشخص، و"إنما هي حالة تجعل الشخص يحكم على حياته بأنها حياة جميلة ومستقرة خالية من الآلام والضغوط على الأقل من وجهة نظره".

الآن وبعد أن اوردنا المصطلحات يتضح للقارئ بما لا يدع مجال للشك ان السلبية والحزن ليسا شي مترادف وكذلك السعادة والايجابية، ومن هذا المنطلق سوف نقوم بسرد قصة تساعدنا على الفهم:

المشهد الاول (الواقعة)

قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُون َ* قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ}، إن هذا غير ممكن، {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ* قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا}، كما في المثل: (كاد المريب أن يقول خذوني) {وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ * وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}. هذه المرحلة الأولى في هذا الجوّ الّذي كان يتحدّث فيه يعقوب عن الحزن من خلال الخوف على يوسف، فهو يخشى أن يتسبّبوا بأمر يجلب له الحزن من خلال الخطر الّذي يمكن أن يصيب يوسف في ذهابه معهم، في حال غفلتهم عنه وانشغالهم بلهوهم ولعبهم، وهو حزن طبيعيّ في مثل هذه الحال الّتي تورث القلق على مصير ولده.

ملاحظة مهمة:

قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُون

تفكير النبي يعقوب بهذه الطريقة ليس من باب عدم التفائل والسلبية حيث إن يعقوب _عليه السلام_ لما قص عليه ابنه يوسف _عليه السلام_ الرؤيا العظيمة وعرف أبوه تأويلها وما قد يلاقيه ابنه من شدة ومحن وبلاء ما كان منه إلا أن يوصيه، ويقول له: "قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ" (يوسف:5)، لا تكن سبباً في جلب الكيد إلى نفسك، فعندما تقص هذه الرؤيا على إخوانك، وهي رؤيا عظيمة، وقد يفقهون تأويلها كما فقهها أبوهم فيأتي الحسد فيجر عليك وعليهم مايجر .

المشهد الثاني (الحزن)

وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ}، وقوله: {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ}، كناية عن العمى، حيث كان يعقوب يبكي بين الحين والآخر، ولكنّه كان يخفي حزنه ويكبته، ما جعل له تأثيراً في النّفس أكثر من إظهاره. (كَظِيمٌ) يعني يحبسه في نفسه. {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ}، لا يعني بالضّرورة البكاء، بل يعني تأثير الحزن في النّفس، {فهُوَ كَظِيمٌ}، يعني أنّه يكظم غيظه.

المشهد الثالث

يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ}، وذلك يدلّ على أنّ حزن يعقوب(ع) لم يفتَّ أمله بالله وتفاؤله بالمستقبل. وقد أراد يعقوب(ع) من هذه الكلمة، وهو في قمّة حزنه على فراق ولده الأوّل ثم الثاني، أن لا يعقِّده هذا الحزن عن أن يعيش الفرح في الله وهو في عمق الحزن.

  1. قَالُواْ تَاللَّه تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ

  2. قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ

  3. يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ

السؤال الاول: هل تفكير النبي يعقوب (حاشاه) سلبي أم إيجابي؟؟

السؤال الثاني: هل حالة النبي يعقوب سلبية ام إيجابية؟؟

السؤال الثالث: هل النبي يعقوب سعيد ام حزين؟؟

السؤال الثالث: هل النبي يعقوب حزين ايجابي؟؟

السؤال الرابع: هل النبي يعقوب حزين سلبي ؟؟

نستخلص من الأسألة أعلاه أن النبي يعقوب عليه السلام ايجابي وحالته سلبية (ظروف خارج إرادته) وهو حزين ايجابي اذ أنه ما زال لديه امل فالعثور على يوسف بعد مرور كل السنين الطويلة، وكذلك عودة إبنه الثاني بنيامين.

من هذا المنطلق نوجه رسالة إلى كل المهتمين بقانون الجذب والتفكير الايجابي والسلبي، أن الحزن والسعادة ليس دليل أبداً على الايجابية والسلبية إذ يجب الفصل بين التفكير والحالة، فعند رؤيتك لشخص حزين يمر بظروف خارج إرادته ربما يكون في شدة الحزن ولكنه متفائل وعنده امل بالله كبير فليس من المنطق أن تقول له (كن ايجابي) ويجب ان نفصل بين الحالتين.

البكاء ومظاهر الحزن ليست بحد ذاتها مشكلة وليست بالضرورة انها تشير غلى ان الشخص الذي أمامك تفكيره سلبي.

أما إن كان الحزن بسبب الأفكار السلبية وانقطاع الامل واليأس فهنا يمكننا ان نوجه الشخص للتفكير بايجابية وعدم استباق الاحداث.

ما جعلني اكتب هذا الموضوع هو كثرة المواقف التي أراها امامي من أشخاص مهتمين جداً بقانون الجذب وما إن يرو شخص حزين يقولون له كن ايجابي فأردت ان أطرح هذا الموضوع لتتضح الصورة وان أخطأت فمن نفسي والشيطان.

التسجيل
  • RSS - Grey Circle
  • Facebook - Grey Circle
  • Snapchat - Grey Circle
  • Google+ - Grey Circle
  • Twitter Clean Grey

مدونة شخصية أتحدث فيها عن تجاربي وتعليقاتي على بعض المواضيع او المقاطع المرئية والمواقع الإجتماعية وأركز فيها على مواضيع الصحة والجمال وأطرح فيها رأيي عن بعض الكتب التي قرأتها وأجدها مهمة ومفيدة بالإضافة إلى بعض المواضيع الخاصة بتطوير الشخصية وانماطها وخواطر من كتاباتي واتمنى ان تعجبكم مواضيعي ويمكنكم مراسلتي وسأقوم بالرد على الرسائل في أقرب وقت ممكن

أرشيف المدونة

المشاركات الأخير

bottom of page