مدينتك
بعد مرور السنين العجاف، عدت للمكان ذاته لأرى ما تبقى من اشلائي، لقد عدت والامل يزحف محاولاً التخلص من القيود التي كبلت أوصاله، عدت لأرى ما جنته عيناي على قلبي حين أبصرت ما لم يبصرن به نسوة المدينة، كنت أنا فقط من جحدتني عيناي لترمي قلبي المهترئ في غياهب العشق الجنوني، لقد سولت لي نفسي أن أعشقك من بين الضرب من الرجال، لقد عدت للمكان ولكنني لم أجد أي أثر يدل على وجودي هاهنا منذ سنين، لقد كنست الحياة كل مشاعري وكل تضحياتي، حتى عهدك الذي نحته على جدران المدينة وأسوارها لا أثر له؟ لماذا قررت الحياة تحطيم واخفاء كل شيء له صلة بي؟ وحينما رأيتك امامي لم أجد سوى شيء يشبهك، فأنت امامي ولكنك بعقل آخر وقلب آخر، لم تكن تشعر بوجودي حتى خُيل إلي أنني شبح أو قتيلة تمشي بين الاحياء!! أرعبني منظر غربتي، وأرعبني وجود الناس من حولك، وأنا أتسلل للنظر إليك، أرتدي ذلك الشال الذي لففته على عنقي في ليلة كان بردها أقسى من أنياب الوحوش الضارية، ظننت لوهلة انك ستعرفني من بين الجموع وستقف متأثراً بجراحي ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث، تقهقرت دون ارادتي، وجريت بسرعة لأخرج من المدينة ومن احزاني من عينيك التي تهزمني مرة تلو الأخرى.. شققت طريقي نحو المجهول، لم اكن خائفة لأنني أعلم ان ما سأراه غداً لن يكون أكثر قسوة منك، ولا أبشع من احلامي التي تطوف في سماء مدينتك، كأنها أرواح حزينة لها أنين يعذب مسامعي، سأطلق سراح أحلامي، لتذهب الأرواح إلى اجسادها وتسكن، وسأجلد عيني وأسجنها على ما اقترفته من ذنب، وسأغلق أبواب قلبي، وأعلن الحداد.